An answer, in a hopeless place
لم اكن قط من الذين يندهشون من هؤلاء المثقفين الذين يتحدثون
الانجليزية و يقرأون الكتب و يتسامرون حول القضايا الفكرية و الوجودية العميقة ذات
الطابع الرفاهي ان قارنتها مع اغلب هموم الناس في هذا البلد , ربما يرجع السبب الى
حقيقة انني قضيت السنين السابقة من عمري جميعها وسط اناس من هذا النوع الى حد ما , او انه لا شئ مميز في ما استطيع القيام به , و لكنك تجد ما تبحث فيما تعجز عنه .
هؤلاء الناس الذين ينتمون الى طبقة المفكرين , اصحاب المصطلحات
المعقدة , القضايا الكبيرة , الاسئلة الوجودية , الأحلام و الامال ذات
الطبيعة المنفصلة احيانا عن ما يدور في اذهان معظم الافراد في بلدنا , و بطبيعة
الحال السلوك الاجتماعي اليومي البسيط المتسق مع هذا الاختلاف , حتى في ابسط
المساعي البشرية مثل الصداقة , التعامل مع الجنس الاخر , الحب و الارتباط و غيره من التفاعلات الاجتماعية العادية .
لم أجد يوما الإجابة هنا , وسط هذا الجمع من الناس الذين درست مع
كثير منهم و شلتي و اصدقائي ينتمون اليهم . و لكني يا للعجب , اجد نظري و سمعي
مشدودا لهؤلاء العاديين , الذين لم يحضروا ندوة ثقافية قط , و لم يقرأوا كتب
الفلسفة و لا علم النفس التطوري. سلوكياتهم الاجتماعية متناسقة مع رؤية ذاك
المجتمع "المتخلف" لا يحيدون عنها قيد انملة. أحب الاستماع لارائهم و افكارهم و
همومهم , أود ان انظر الى عالمهم , احب الحديث مع تلك الفتاة التي لا يهمها المعدل
الجامعي , ولم تفكر قط في الحصول على منحة دراسية , و لكنها تقابل حبيبها بالسر حتى لا يكتشف اخوها و يمنعها من الخروج ( حبيبها الذي عرفته منذ يومين و هي تعده حبيبا ) او انها تعد جدولا
بأعراس العائلة القادمة و الفساتين التي تريد ان تلبسها و معيار اختيارها للمجهود
المبذول في العرس يتناسب مع عدد الشباب المغتربين من الاهل و الجيران الذين يحتمل
وجودهم في ذلك العرس, و تبحث عن عمل جيد ليس لشئ الا لأن تحصل على المال الكافي
لتستطيع شراء ما تريده من ميكاب و ملابس حتى تجذب العريس المغترب في دبي و الذي ستترك له العمل ن امرها بذلك , العريس الذي لا
يهمها ان كان يؤمن بقضايا المرأة و ينظر لها كشريك في رحلة طويلة او كان يفكر فيها
كأداة لاشباع رغباتة التكاثرية لا غير , ولم تتسائل حول هذا الأمر قط و
لن تفعل في غالب الأمر.
فكرت ان الاجابة ربما توجد هنا في هذا الجزء الاخر من العالم الذي
تعودنا ان ننظر له نظرة فوقية متعالية , حتى حينما نفكر فيه و نظهر انتمائنا و
اهتمامنا يكون ذلك على طريقة رغبتنا في انتشاله من ذلك القاع المظلم.
امتلكت الشجاعة في كثير من الاحيان لأن اتجاوز ميولي الانعزالية و
ضعف قدرتي الاجتماعية , لأن اقوم بالتعرف على عدد من الشباب و الشابات
المختلفين عن كل من تعودت نفسي على مصادقتهم , وصل بي الأمر لأن اصادق شابا تعرفت
عليه بالصدفة في اعتصام القيادة , لم يكمل تعليمه الجامعي و ليس لديه النية في ذلك
, اقصى طموحاته ان يفتح محل في المحطة الوسطى و يجد فتاة يخلطها" لاكبر عدد من
الساعات , الغريب في الأمر انه من اول لقاء حدثني عن محاولة انتحاره التي حدثت قبل
سنة , يا الهي , هو بالله الانتحار دا ما فكرة بتجي بس للمثقفين المتعلمين ذوي
الرؤية التحليلية العميقة للامور المتمردين على مجتمعاتهم يعني !! , يفكر في
الانتحار و يتأمل في العلاقات الاجتماعية و" للميكانيزمية" التي يكسب بها الاصدقاء و
يختار بها حبيباته , يتسائل حول حياته و المعنى الموجود فيها , حدثت له تغيرات
طفيفة في قناعاته الدينية فانتقل من شخص وسطي/عادي الى انصار سنة في فترة قصيرة ثم الى
صوفي في فترة اخرى حتى استقر به الامر مرة اخرى مرنا لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ,
انه يتعاطى ( السفة ) , اجل اجل !! , و حدثني عن تجاربه الكثيرة في عمل المعاصي و
المحرمات , حدثني عن انه يفضل ان يقوم بتجربة كل ما استطاع تجربته ثم يستغفر ربه
بعد ذلك و يتبرع بالمال عسى الله ان يغفر له , انه لا يقوم بذلك بمحض الصدفة او
انها مشت كدا بس و ما فكر فيها يعني , انه
يتأمل و يتسائل و يفكر حول المذهب الذي يتبناه في عيش حياته و يجد له مبررات عدة كما ذكر لي كثيرا .
و انكسر القالب ! قدر ما نحاول نقولب الحاجات عشان نفهمها تجي تتكسر لينا في راسنا !
يتأمل و يتسائل و يفكر حول المذهب الذي يتبناه في عيش حياته و يجد له مبررات عدة كما ذكر لي كثيرا .
و انكسر القالب ! قدر ما نحاول نقولب الحاجات عشان نفهمها تجي تتكسر لينا في راسنا !
لقد كان شخصا مثيرا للدهشة , وجدت فيه خليطا من الخصائص التي لم
اكن لاتخيل انها قد تجتمع في شخص (عادي/جماهيرشعبنا/ ...الخ) لو حصرت نفسي في مجتمعي القاصر عن
رؤية الاجابات في تلك الأماكن التي فقدوا الامل فيها.
و لكن , لا استطيع القول انها كانت تجربة ناجحة بالكامل , لقد شابها
الكثير , لم استطع ان اواصل/اتمسبك علاقتي الاجتماعية معه طويلا , كما الحال مع عدد من
الناس من فتيات و شباب اخرين ذوي الفكر و السلوك الذي يصعب ان يتماشى مع قناعاتي/سلوكياتي/ قواعدي الاجتماعية التي حاولت تجاهلها في صداقتي معهم. لابد لتلك الاختلافات التي حاولت ان اقنع نفسي في البدء بأنها تفاصيل
غير مهمة و يمكن التسامي عنها , لابد لها ان تلقي بظلالها بشكل او اخر و تنتهي بك عائدا بكل الحنين الى
دائرة اصدقائك المتعالين ,اولئك الذين تشبههم و يشبهونك، يشاركونك في اغلب الصفات
و السلوكيات , الرؤى و الاحلام , حتى اللغة و التعابير التي تتحدث بها.
خلاصة الأمر : ان مظاهر الاختلاف النوعي و الطبقي و التعليمي قد
توهمك احيانا بانك مختلف , و لكن في نواة الأمر نحن متشابهون جميعا , رغباتنا
الطفولية في ان نجد اشادة على ما نقوم به , ان نلقى اهتماما , ان نبحث عن المعنى و
ان نسعى للوصول الى السعادة التي لا نعرف ما هي و كيف و أين , ان كنت تقرأ
بالانجليزية او ذهبت لدراسة الماجستير في ايرلندا او لديك شركتك الخاصة او محل في
المحطة الوسطى و بجانبه كشك العماري الجيد الذي تشتري منه السفة التي لا يكتمل
يومك الا بها , نحن جميعا نبحث عن ذات الشئ , نتخذ طرقا مختلفة ، لا نملك القدرة حتى على اختيارها في الحقيقة فقد اختيرت لنا , هذه الطرق يتسع اختلافها في
بداية العمر حتى تبدو تقدمنا في العمر . ربما تكمن الإجابة هنالك و كانها متوازية يصعب تلاقيها، و تتقارب مع
What it takes to come
alive
It’s the way I am
feeling
And I just can’t deny
But I got to let it go
We found love in a
hopeless place
Comments
Post a Comment