الولف كتال ,, و انا قلت ليك عذري
التاج مكي .. فنان الوِلِفْ , و أصلو الوِلِفْ كتَّال
ذوقي الغنائي بصورة كبيرة متأثر بذوق أمي, و دي حاجة اكتشفتها و انا كبيرة لمن بديت انتبه للتشابه الغريب في نوع الأغاني البنحبها, أسلوب الغناء و حتى الكلمات.
صوت السواقي الحانِي، ذكرني ماضي بعيد وعلى الرمــــــــــال آثارك طرتني ليلة عــيد, صوت التاج مكي و هو يتغنى بهذه الكلمات قديم قدم ذاكرتي, و الأغنية بالطبع من المفضلات لدى أمي, و بطبيعة الحال لدي, كاستنساخ ردئ الجودة لذوقها الموسيقي. ثنائة الحلنقي و التاج مكي هي ثنائية الإلفة و الحنين, فأجمل الكلمات التي كتبت من الأول و لحنها و تغنى بها الثاني كانت لكلمات الحنين و الإلفة نصيب الأسد فيها. مروّح وين ما لسا الزمن بدري؟ عارف الولف كتال و انا قلت ليك عُذري , و لو ما مصدقنا ! اسأل العنبة الرامية فوق بيتنا, العنبة شاهدة على الزمان و الحنين و الذكرى.
و المدهش أن بعض القصائد التي لا ذكر للإلفة فيها يجد التاج مكي طريقا للارتجال و ذكر الولف عرضا كما فعل في حبيت عشانك كسلا عندما اختتم الأغنية عدة مرات ب: اختار عشانك كسلا, ناس الولف ناس كسلا , يارب نعود لكسلا. و في ذكره للعنبة, يضيف التاج مكي بيتا في ختام الأغنية, بعد أن يشهدها على الزمان, و من ثم يسأل "القمرة" ان تسافر و تزرع في قلبه شتلة الذكرى, يضيف ارتجالا منه على ما يبدو غير موجود في القصيدة الأصلية: قول سبب يتقال ساقنا للاهمال, و انت ما عارف الولف كتال ؟ حنين الساقية ما خلاك , النيل بالمحنة سقاك, و مويتو الحلوة فيها شفاك وطول عمرك ولوف قلبك و انت الإلفة هي الكاتلاك.
لسان مقال مكي و الحلنقي في اختيارهم للكلمات و الأغاني كلسان حالهم و حال السودانيين جميعا , مصابون بلعنة الحنين و "يكتلهم" الولف. يحضرني الكابلي في قمر دورين حينما يردد: بي أملنا , و بي عملنا , و " بالمحنة" و بي وفا النيل الفي دمانا نبني جنة. الوفا و الولف و الحنين قيد نسعى في كثير من الأحايين لكسره, و لكن و تحضرني مقولة اخيل في فلم تروادة: الآلهة تحسدنا , لأننا هالكون, كل شئ يبدو جميلا لأننا هالكون. قد تحسدنا الآلهة كذلك بسبب هذا الضعف الإنساني الذي يعترينا , فنُوفي و نألف و نحِن, نُهزم في معاركنا معهم فنصبر، و الصُبر قاسي و المحبة قدر. هذا القيد مصدر جحيمنا و هلاكنا هو ما يجعل هذه الحياة تبدو جميلة و نُحسد عليها. لعنة الوِلِف المصاب بها قدر عظيم من السودانيين قد يكمن فيها العلاج و ان طال الزمان, الزمان الغدار الظلمو ما بندار, حتحن الدنيا و حتقبل الأعذار. التاج مكي كذلك مولع بالعذر و الأعذار، و في حقيقة الأمر الاعتذار و الإعذار و الولف و الوفا كهاتين، و أشار لأصبعه السبابة و الوسطى، لن تعتذر أو تعذر ما لم تعرف الولف و الوفا. و الوِلف يستدل عليه بما يتحداه و يضعه في محك، بعد المسافة، مشكلة ما او فراق او غضب او … و غيرها من التحديات، حين نكون في امس الحوجة للعذر و الإعذار.
Comments
Post a Comment