اصْبِرْ عَلَى مُرِّ الْجَفَا مِنْ مُعَلِّمٍ .. فَإِنَّ رُسُوبَ الْعِلْمِ فِي نَفَرَاتِهِ :/
بخوض في تجربة مختلفة تماما الفترة دي، و هي تجربة التدريس. و من اول يوم ابتديت اتعلم انظر ليها بطريقة جديدة و مختلفة تماما عن تصوراتي السابقة اللي اغلبها جاي من موقعي كتلميذة طبعا. وجودي ضمن تجربة مش بس مهتمة بكيفية التدريس الأمثل كتطبيق مباشر للمنهج و اهداف، و لكن هي ذاتها جزء من عمل بحثي بحاول يجاوب على أسئلة زي كيف يتم تدريس الإحصاء ؟ مثلا، و انا كزولة ما كان جزء من اهتماماتي السابقة نهائيا مسألة الممارسة المبنية على الأدلة العلمية فيما يتعلق بالتعليم و التدريس ، لكن في نفس الوقت عندي أفكار و تحليلات مبنية على تجربتي الشخصية على مدار رحلتي التعليمية كلها ، فدي مثلت لي فرصة مختلفة لاني ابدا اهتم بالجانب دا، و لاني اختبر و ابلور افكاري غير الناضجة حولها اكتر الاتبنت من موقع المفعول به وليس الفاعل.
الحاجة التانية انها حتغير و تعيد تعريف فكرة التدريس في راسي تماما، بل انا بتخيل انها حتعالج كثير من الصدمات و الاذويات الحصلت لي في رحلتي التعليمية سابقا. بشكل أساسي انا رحلتي التعليمية في مخيالي و تصوراتي الحالية كان فيها الكثير مما يحمد و يشكر و دايما و ابدا بحس بامتنان غير محدود و تقدير لاساتذتي من الروضة و الأساس اللي انا متذكراهم لحدي الان و ما بغيبوا من ذاكرتي بسهولة. و كثيار ما بحاول اكتب عنهم او اتونس بيهم و قدر كيف كان ليهم اثر إيجابي علي، حتى في اصغر و ابسط تفاصيل زي انهم بتكلموا كيف ، او بكتبوا كيف ، و ما كنت حاكون انا لولاهم. لكن في نفس الوقت كانت تجربة فيها جوانب اذوية تروماتك عديل، غالبا الي الان ما قادرة اتجاوزها. و زي كل شيء بيحدث على مدى زمني طويل، بكون فيو تغيرات كبيرة، و موجات ، فان كانت التجربة التعليمية كلها فيها الكويس و الكعب،لكن تجربة البكلاريوس بالتحديد بقدر ما تطورت خلالها ، و تكونت شخصيتي، و لقيت عدد من الناس الكان ليهم اثر جيد على حياتي، بقدر ما كانت مليانة بالاذى النفسي بشكل لا يصدق. ودا لاسباب عديدة.
جزء أساسي منها متعلق بي انا، متعلق بفترات طويلة ملمحها الأساسي كانت الأسئلة حول المعنى، و الطموح، و الرغبة ، و الذات، و المستقبل، و الحياة، و الأثر.
الجزء التاني منها بالتأكيد شكلتو ظروف اقتصادية، اجتماعية، سياسية بتمر بيها كل البلاد.
لكن في جزء لا يمكن تجاهلو اتشكل بسبب فلسفة التدريس والأساتذة. ذلك الإحساس الدائم انو التدريس والتقييم هو السعي لافشالك والتعلم هو إنك تقاوم محاولات الافشال دي. نحن هنا عشان دايما نختك على شفا جرف هار، ومهمتك إنك ما تقع. دي هي الفلسفة البجي بيها الأستاذ في هندسة جامعة الخرطوم على الأقل ههه.
الجزء التاني هو إنك مفروض تجي أصلا عارف كل شي نحن جايين هنا نتاكد إنك عارف بس ما اكتر. في حالة من الكراهية والانتقام في الأجواء، تحس الأستاذ جاي ينتقم منك لسبب ما انت ما عارفو شنو.
بفترض انا شخصيا انو جزء من الجوانب السيئة في التجربة أساسا جاي من انو الأستاذ ذات نفسو بكون بعاني من انعدام الثقة في النفس وعدم الأمان. وحاسي بالخطر من الطلاب، خطر جزء منو جاي من الخوف الطبيعي لاي شخص بحاول يعلم شخص تاني فالبتالي بيعرض نفسو و معرفتو للانكشاف و احتمالية انو يحصل يحكم عليو بناء عليها، و لكن خطر انهم يتجاوزوهو أيضا. ودي بترجع لاسباب عديدة ما عايزة ادخل فيها هنا وما وقتها، و الكلام فيها ما حتكفيو كتب. ، هنا الأستاذ ضحية زيو زي الطالب. لأنو ما وجد البيئة البتمثل ليو دعم وتدريب اكاديمي و نفسي و تربوي على حد سواء، اللي بالتأكيد بحتاجو في بداية مسيرتو. دا غير الأستاذ دا هو ذاتو كان طالب في فترة ما في النهاية، و غالبا ما وقع عليو نفس الهو بعملو مع طلابو، و انعدام التآهيل بيظهر في التعامل مع الطلاب داخل و خارج الفصل، بالإضافة لي في وقت وضع الامتحان و التقييم و دا جزء أساسي و مهم جدا.
بتذكر وانا في سنة خامسة او سادسة أساس، ايوة في الابتدائي، الأستاذة طلبت مني اقود مجموعة من الطالبات في مجموعة دراسة و بعدين اضع ليهم امتحان للمادة الغطيناها. فانا في العمر داك طبعا مشيت عملت حاجة اغرب ما يكون، محرجة منها عديل هسي. وهي إني مشيت اخترت أسئلة غميسة جدا ومرات ما عندها معنى ذاتو لأنها ما بتختبر فعلا فهمهم للمادة و الأهداف التعليمية من وراها بقدر ما انها بتختبر حاجات تانية ما مهمة بالنسبة للمفاهيم الأساسية و المفتاحية للدروس. و دا برجع لسببين، الأول انو انا ذاتي ما فهموني المهم شنو و الما مهم شنو، كطالبة و متلقية للمعلومة في المقام الأول، لذلك بنفس فهمي الغلط دا كنت فاكرة انو دي الحاجات المهمة، و انو الناس مفروض يكونوا عارفنها، و اني كدا بعمل في حاجة كويسة و بنبهم ليها، و في نفس الوقت بثبت للاستاذة اني بعرف اضع أسئلة خطيرة و كدا.
شفتو طريفة تفكير الطفلة الفي خامسة أساس دي؟ في بعض الأساتذة امتحنونا في الجامعة كانو بعملو لينا نفس الحاجة دي. و دا زي ما قلنا برجع أي نعم لانعدام التأهيل و التدريب ، و برضو برجع للفلسفة السائدة في الوسط التعليمي و التركيبة النفسية للمعلم ذاتو.
ففي ظل تجربتي الكان فيها جوانب إيجابية، لكن جوانبها المؤذية كانت كتيرة شديد برضو، خوض نفس التجربة لكن من زاوية جديدة، وبحكم الاهتمام البحثي برضو، دي حاجة انا حاسة انها حتغير فيني كتير و حاتعلم منها دروس مفيدة للغاية ، و حتخليني انتبه لياتو درجة الفلسفة الانت متبنيها اتجاه قضية التعليم دي بتلعب دور في شكل السلوك و الممارسة الانت بتقدمو، و انو الحساسية في قضية التعليم ما بتكون اتجاه الطالب فقط و انما الطالب و الأستاذ معا ، وانها عملية تكاملية فيها طرفين عايزين يحققوا اهداف، في طرف بحكم الزمن و التدريب اصبح في موقع افضل لمساعدة الطرف التاني، لكن التعلم و التطور و التفكير و التغيير حاصل ليهم الاتنين، لكن دا كلو ما بحصل لولا انو الجو العام متبني فلسفة عامة للممارسة ككل بيدعم في الاتجاه دا. فكتبت الكلام دا هسي، و حانتظر كم شهر اشوف حاطلع بياتو اضاءات جديدة و اجي اكتبها هنا تاني.
Comments
Post a Comment